تعمل الجزائر على السعي، شرقا وغربا، منذ سنوات على طرق أبواب حليفتها
الاستراتيجية (روسيا)، وأيضا البانتاغون، من أجل تحديث أسلحتها وتقوية
كفاءات جنودها عموما. لكن السؤال الذي ما فتئ يطرحه المراقبون هو: ما هي الجدوى الإستراتيجية من سباق التسلح هذا؟ وهل تبرره مكافحة الإرهاب؟ ولصالح من كل هذا الإنفاق العسكري؟
وكيف يمكن لدول تعترف إحصائياتها الرسمية أن نسبة الفقر فيها لا تقل عن 30
بالمائة أن تبدد أموالا بالغة في اقتناء أسلحة قد لا تستعملها؟ لقد بلغت
ميزانية الدفاع الدفاع الجزائرية برسم سنة 2010 مقابل سنة 2009، فقد فاقت
55 مليار درهم بعد أن كانت سنة 2008 لا تتجاوز 23 مليار درهم (6.5 مليار
دولار سنة 2009 و 2.5 مليار دولار سنة 2008). إن ميزانيتي الجيش والأمن
الجزائريين تمثلان معا 15 بالمائة من الميزانية العامة للدولة، المقدرة
سنة 2009 بـ 80 مليار دولار.
وحسب المحللين الجزائريين، لأول مرة تفوق ميزانية الدفاع ميزانيات قطاعات
استراتيجية كالتعليم، وذلك- حسب زعم المسؤولين العسكريين الجزائريين-
لتحديث السلاح والتجهيزات العسكرية وتحويل الجيش الجزائري إلى جيش احترافي
استعدادا لمرحلة ما بعد الإرهاب. ويعزو هؤلاء المسؤولون تصاعد ميزانية
الدفاع الجزائرية إلى إحداث وحدات جديدة للصناعات الحربية لتلبية حاجيات
الجيش الجزائري اعتمادا على الذات، سيما فيما يخص العتاد والأسلحة
والذخيرة ونقل التكنولوجيا الحربية، وكذلك لدعم وحدة لصناعة الأسلحة
الخفيفة الكائنة بمدينة «باتنة» ومصنع لإنتاج ذخائر الرشاشات والقذائف
الحربية.
لقد استفادت الجزائر من تنامي مداخيلها النفطية والغازية التي جاوزت 100
مليار دولار (أكثر من 750 مليار درهم) لمضاعفة ميزانية دفاعها سعيا وراء
تطوير كفاءات جيشها والفوز بأكبر صفقات التسلح في منطقة المغرب العربي،
ولو باللجوء إلى السوق السوداء.
وفي هذا الصدد قال أحد الملاحظين : «عندما تصاب الجزائر بالتخمة من عائدات
النفط والغاز، فأول شيء تفكر فيه هو التسلح، وهذا ما يساهم في انتفاخ
أرصدة حكامها وجنرالاتها عوض التفكير في «تحسين ظروف عيش الشعب الجزائري
الذي مازال يعاني من الفقر والأمية»