البيت الصغير كالبيت الكبير ! كالكرة الأرضية !
تعتريه تقلبات جوية ومُـناخية ..
حينًا يفرحُ أهله بجوٍ صافٍ ونسمات رقيقة تداعب أغصان المودة ، كما تداعب النسمات أغصان شجرةٍ راسخة .
وحينًا ..
يعتريه ما يعتريه مِن تقلبات نفسية ، فيصبح الجو غائمًا متغيًرا ، يُرتقَب فيه بزوغ شمس الصفاء مرّةً أخرى .
::::
بيتٌ صغير احتوى صاحبيه بقلبيهما الذي امتلأ مودةً ورحمة مِن كليهما لكليهما !
ولأنهما بشر ، ويعيشان في دنيا سنّ الله في أهلها الكبَـد ..
كان لِزامًا أن يقع بينهما ما يقع بين أي زوجين ، مِن خِلاف واختلاف دون أن يؤثّـر على حُبٍ يحملانه في قلبيهما .
قد تقِف الزوجة بنفسٍ حائرة ، وجسدٍ مضطرب ، وعينٍ فُتحت على حلولٍ ، وفوق رأسها تجمّـع لِـكَـمِّ مِن الاستفهامات !
وهي ترى هذه التقلبات في بيتها ولا تستطيع إمساك زِمام الأمر .
حينها وكعادة النساء !
كثيرات كلام ! سريعات انفعال !
فتمسك سماعتها لتبث مِنها شكوى مِن حالِ اضطراب بحر الحُب في بيتها ..
أو قد تذهب برجليها لتُخرِج معترَك صدرها مباشرةً بِلا واسطات !
خذي بيدي ثم اكشفي الثوب فانظري * * * بلى جسـدي لكنني أتستـر !
وليس الذي يجري من العين ماؤها * * * ولكنهـا روح تـذوب فتقطـر
فتسمع نصيحةً بالصبر ..
وأخرى بالثوران على الزوج !
ونصيحة تحسّـن لها التمرّد ؟!
ورابعة تنبهها إلى أنّ معاشر الرِجال ، كلهم كمثل زوجها .
وخامسة وسادسة ..... وقائمة تطول مِن النصائح النافعة والضارة !
ومع هذا الاضطراب الداخلي والخارجي !
تنسى الزوجة في زحمة أمرها شيئًا ..
تنسى أن تقوم لله متضرّعة تسأله أن يصلِح الحال ..
ثمّ تنسى أن تطفئ غضب ربها ..
فلعلّ ما أصاب بيتها سببه ذنب منها ، أو تقصيرٌ مِن جهتها ..
فتنسى أن تفتح حقيبةً لها ، فتخرِج منها مالاً لوجه الله لعلّ الله أن يصلح بيتها .
" فإن للصدقة تأثيرًا عجيبًا في دفع أنواع البلاء ، ولو كانت من فاجِر أو ظالِم ، بل من كافر ، فإن الله تعالى يدفع بها عنه أنواعًا من البلاء ، وهذا أمر معلوم عند الناس خاصتهم وعامتهم ، وأهل الأرض كلهم مقرّون به لأنهم جرّبوه "
هكذا قال ابن القيّم في كتابه ( الوابِل الصيّب )
بل والعجَـب حين نقرأ ما سمعه أبو هريرة – رضي الله عنه – أن الرسول عليه الصلاة والسلام قال :
[ مثل البخيل والمنفق كمثل رجلين عليهما جبتان من حديد من ثدييهما إلى تراقيهما فأما المنفق فلا ينفق إلا سبغت أو وفرت على جلده حتى تخفي بنانه وتعفو أثره
وأما البخيل فلا يريد أن ينفق شيئا إلا لزقت كل حلقة مكانها فهو يوسعها فلا تتسع ]
سبحان الله
كيف تكون الصدقة سببًا للسَـعة ودفع البلاء .
وفي الصحيحين من طريق هشام بن عروة عن زوجته فاطمة بنت المنذر عن جدتها أسماء بنت أبي بكر قالت :
قال رسول الله صلى الله عليه وسلم : أنفقي هكذا وهكذا وهكذا ولا توعي فيوعي الله عليك ولا توكي فيوكي الله عليك وفي لفظ ولا تحصي فيحصي الله عليك "
قال ابن حجر في فتح الباري : أي لا تجمعي في الوعاء وتبخلي بالنفقة فتجازي بمثل ذلك .
ولست أقول هذا الأمر مِن باب الحث فقط ..
بل والله أقول هذا مِن خلال تجارب رأيتها وعاينتها ، وكيف كان للصدقة أثر في الصلاح والإصلاح في البيوت المسلمة وبين الزوجين .
ولنتأمّـل قول الله تعالى حين وصف لنا كيف يكون السبيل إلى الفلاح فقال تبارك وتعالى
{ فَاتَّقُوا اللَّهَ مَا اسْتَطَعْتُمْ وَاسْمَعُوا وَأَطِيعُوا وَأَنفِقُوا خَيْراً لأَنفُسِكُمْ وَمَن يُوقَ شُحَّ نَفْسِهِ فَأُوْلَئِكَ هُمُ الْمُفْلِحُونَ }
* فالصدقة تطفئ غضب الرب ، فإذا رضي الله جلّ جلاله على عبده فليبشِـر بالصلاح والفلاح
* والصدقة بركةٌ للمال ، فتعيش البيوت مطمئنة هانئة تنعم بما رزقها الله كثيرًا كان أو قليلا .
* والصدقة طمأنينة للنفس ، وانشراح للبال ..
فإذا داهمَ البيت نوعٌ مِن كَدر ، ثبتت الأنفس واطمأنت وعلمت أنه لا ملجأ مِن الله إلا إليه .
* والصدقة سبب لرقة القلب ..
فإن تغيّـر زوج على زوجته أو العكس ، وجَد المتصدّق نفسه تقبَـل صاحبه وتعذره وتحنّ إليه وتحنو عليه .
ولا سبيل هُـنا ولا استطاعة كي تُحصر أفضال الصدقات ..
إنما هي نقاط وقطراتٌ مِن بحر ، تنبّـه الأزواج والزوجات إلى أنّ الطاعة وإرضاء رب الأرض والسموات هو السبب في بركة حياتهم وإدخال السرور فيها .
وهنا
أيتها الزوجة .. استشعري قبل أن يصلحا بينكما صُــلحا ؟!
الثلاثاء أكتوبر 17, 2017 12:34 pm من طرف 
اليومية
