بدأ تاريخ المنطقة مع قدوم الأمازيغ و انتظامهم في
قبائل. أطلق الإغريق عليهم اسم الليبيين، النوميديين.وينسب تأسيس قسنطينة
إلى التجارالفينيقيين.كان أسمها القديم هو (قرتا) ويعني بالفينيقية (القرية أو المدينة) وكان القرطاجيون يسمونها(ساريم باتيم).
اشتهرت
"سيرتا" -الاسم القديم لقسنطينة - لأول مرة عندما اتخذها ماسينيسا ملك
نوميدية عاصمة للمملكة. عرفت المدينة بعدها حصار يوغرطة الذي رفض تقسيم
مملكة أبيه إلى ثلاثة أقسام، بفضل دعم الرومان و بعد حصار دام خمسة أشهر
اقتحم تحصينات المدينة و استولى عليها. عادت سيرتا لتحيا مجداً جديداً مع
يوغرطة ملك نوميدبة الجديد و الذي استطاع أن يتفادى انقسام المملكة إلى
ممالك.
خلت المدينة بعدها تحت سلطة الرومان. أثناء العهد البيزنطي
تمردت سنة 311 م. على السلطة المركزية فاجتاحتها القوات الرومانية من جديد
و أمر الإمبراطور ماكسينوس بتخريبها.
عاد الإمبراطور قسنطنطين بناءها
عام 313 م. و اتخذت اسمه و صارت تسمى القسطنطينة أو قسنطينة. عرفت ابتداء
من سنة 429 م غزوات الوندال، ثم استعادها البيزنطيون. مع دخول المسلمين
المغرب عرفت المدينة نوعاً من الاستقلال فكان أهلها يتولون شؤونهم بنفسهم
و حتى القرن التاسع. عرفت المنطقة قدوم القبائل الهلالية، وفي القرن
العاشر و طغت بعدها اللغة العربية على أهالي المنطقة. دخلت المدينة في
عهدة الزيريين ثم الحماديين أصحاب القلعة و بجاية. استوطن المدينة
الأندلسيون كما استقرت بها جاليةيهودية ،وتعامل معهم أهل المدينة
بالتسامح. وجدير بالذكر أن قدوم اليهود كان بعد سقوط الأندلس التي كانوا
يعيشون فيها بسلام في ظل الحكم الإسلامي، ثم طردهم المسيحيون المتعصبون
للكنيسة الكاثوليكية في روما بعد سقوط آخر حكامالأندلس. و منذ القرن
الثالث عشر انتقلت المدينة إلى حوزة الحفصيين أصحاب تونس و بقيت في أيديهم
حتى دخول الأتراك الجزائريين. قبل استقرارهم نهائياً في المنطقة حاول
الأتـراك العثمانيين احتلال المدينة مرات عدة، و كانوا دوماً يصطدمون
بمقاومة الحفصيين. سنة 1568 م. قاد الداي محمد صالح رايس حملة على
المدينة، و استطاع أن يستولي عليها من غير قتال. و دانت له البلاد بعد أن
طرد عبد المومن زعيم الحفصيين و معه قبيلة أولاد صاولة. تم اختيار قسنطينة
لتكون عاصمة بايليك الشرق. قام صالح باي (1771-1792 م.) بتهيئة المدينة و
أعطائها طابعها المميز.من أهم أعماله بناء جامع و مدرسة القطانية. و مدرسة
سيدي لخضر و التي عني فيها بتدريس اللغة العربية. كما قام بإنشاء حي خاص
لليهود بعد كانوا متوزعين في أنحاء المدينة. سنة 1830 م، و مع احتلال
الجزائر من طرف الفرنسيين رفض أهالي المدينة الإعتراف بسلطة الفرنسيين.
قاد أحمد باي الحملة و استطاع أن يرد الفرنسيين مرتين في سنتين مختلفتين
في معارك للاستيلاء على القنطرة، التي كانت تمثل بوابة الشرق. عام 1837 م،
استطاعت الحملة الفرنسية بقيادة دوموريير عن طريق خيانة من أحد سكان
المدينة اليهود (حيث استطاع الفرنسيون من التسلل إلى المدينة عبر معابر
سرية توصل إلى وسط المدينة)، و عن طريق المدفعية أيضاً من إحداث ثغرة في
جدار المدينة. ثم حدث الإقتحام، و اصطدم الجنود الفرنسيون بالمقاومة
الشرسة للأهالي و اضطروا لمواصلة القتال في الشوارع و البيوت. انتهت
المعركة أخيراً بمقتل العديد من الأهالي، واستقرار المحتلّين في المدينة
بعد عدة سنوات من المحاولات الفاشلة. استطاع الباي أحمد و خليفته بن عيسى
الفرار إلى الجنوب.